تتميز "طرطوس" بتنوع تضاريسها بين جبلية وهضابية وجزء بسيط سهلي، وهذا ما ساعد على وجود تنوع حيوي كبير فيها يظهر من خلال اتساع رقعة الحراج التي تشكل حوالي "16.35" بالمئة من مساحة المحافظة، فقد بلغت المساحة الإجمالية لهذه الحراج حوالي "30467" ه/ك موزعة بين غابات طبيعية وغابات تحريج صناعية.

وفي لقاء أجراه eTartus مع المهندس "سامر سلمان" في مديرية زراعة "طرطوس" بتاريخ "29/6/2009" قال: «إن هذه المساحة والثروة الحراجية الغنية تعرضت فيما مضى إلى تعديات واستغلال غير منتظم هدد مساحتها بالانحسار، كما أن التطور الكبير الخدمي والاجتماعي وتطور أساليب الحياة جعل هذه المواقع الطبيعية ملاذاً مناسباً لإنسان اليوم، يقضي فيه فترة من الزمن للاستجمام والترويح عن النفس وتخفيف ضغوطات الحياة مما سبب زيادة الضغط على هذه الغابات خاصةً التي تتميز بغنى ثقافي وحضاري كتلك المجاورة للقلاع والمزارات الدينية».

إحجام المستثمرين عن استثمار السياحة البيئية نظراً للريعية المتدنية وكونها لا تتوافق مع نظرتهم إلى الاستثمار السياحي الذي يترتب عليه إقامة منشآت سياحية ثابتة

ويتابع السيد "سامر": «إن ازدياد عدد السيّاح القاصدين لهذه المواقع وسوء إدارتها أدى إلى ارتفاع معدلات التلوث فيها، ما دفع الحكومة من خلال التعاون المشترك بين وزارة الزراعة والوزارات الأخرى والجمعيات الأهلية والمحلية إلى وضع قواعد للاستخدام السياحي مع المحافظة على استمراريته وفعاليته البيئية».

المهندس سامر سلمان

وفي تعريفه للسياحة البيئية يقول: «ظهر مؤخراً على مستوى العالم نمط من السياحة أطلق عليه اسم "السياحة البيئية" يهدف إلى ممارسه السياحة دون تلوث و إصلاح البيئة واستعادة حيويتها، وذلك عن طريق القضاء على السلوكيات الضارة بالبيئة والمسببة للتلوث البيئي الذي أصبح خطراً يهدد العالم برمته، إذاً لابد لممارسة النشاط السياحي من الخضوع للمعادلة التالية وهي الحركة السياحية و المسؤولية البيئية».

وعن الإجراءات الحكومية لتنشيط وحماية هذه السياحة يقول: «وضعت "سورية" منذ مطلع العام "2002"خطة وطنية تضمنت فيما يخص السياحة البيئية ضرورة التعاون والتنسيق بين وزارة الزراعة ووزارة الدولة لشؤون البيئة لتطوير نمط السياحة البيئية، ووضع قانون الحراج لعام "2007" تعريفاً مفصلاً لها على أنها سياحة التمتع الملتزم بالطبيعة ومكوناتها، والتي تتم دون الإخلال بالنظم البيئية ودون التأثير السلبي على مكونات التنوع الحيوي بقصد استكشافها، والتمتع بها والاستمتاع بمناظر نباتاتها وحيواناتها البرية، وتجليات حضارتها ماضياً وحاضراً بما يكفل الحفاظ على المناطق الطبيعية، ويعود بالنفع على المستوى المحلي مع مراعاة عناصر توظيفها سياحياً من خلال مخططات إدارة المواقع المتضمنة الخدمات وتحديد مسارات الزوّار ولوحات إرشادية».

الكوخ الخشبي

وعن مهام شعبة السياحة البيئية يقول: «لقد تم في عام "2005" تشكيل شعبة خاصة بالسياحة البيئية في مشروع إدارة وتنظيم الغابات أسندت لها عدة مهام وهي؛ اختيار المواقع المتميزة بيئياً لتوجيهها نحو أعمال السياحة البيئية والإشراف على إدارة هذه المواقع وتحسينها، وفي إطار أعمال هذه الشعبة تم اختيار غابة الشهيد "باسل الأسد" لتجربة نجاح هذا النوع من السياحة، حيث تقع هذه الغابة شرق مدينة "الدريكيش" بحوالي "20" كم، وهي تحريج صناعي لأنواع مختلفة كالصنوبر البرني والأرز والكستناء والروبينيا، وتبلغ مساحتها حوالي "600" ه/ك».

ويقول المهندس "سامر" عن ميزات موقع غابة الشهيد "باسل الأسد": «إن هذا الموقع الحراجي تميز بالطبيعة الجبلية الساحرة والمناخ اللطيف والتنوع الحيوي الذي تميز بالنباتات والحيوانات والطيور المستوطنة والمهاجرة والقرب من الطريق العام ل"الدريكيش"،"مصياف " ووجود المقاصد الدينية والينابيع العذبة».

طريق وسط الغابة

وعن أهم الأعمال المقدمة من قبل شعبة السياحة البيئية يقول السيد "سامر": «أهم الأعمال هو تنظيم وإدارة الغابة لرفع مستوى الجذب السياحي للمنطقة، وعلى مساحة "2" دونم تم إنشاء كوخ خشبي وتنور قديم وبئر وأعشاش طيور وأراجيح للأطفال، بالإضافة إلى تصنيع طاولات ومقاعد خشبية ووضع لوحات إرشاد تدل على أجزاء الموقع وإنشاء مبنى يضم غرف لاستراحة الزوار وكافيتريا وقاعة للمعارض».

وعن معوقات العمل في هذا المجال يقول: «إحجام المستثمرين عن استثمار السياحة البيئية نظراً للريعية المتدنية وكونها لا تتوافق مع نظرتهم إلى الاستثمار السياحي الذي يترتب عليه إقامة منشآت سياحية ثابتة».

ويختم السيد "سامر" بقوله: «إن القرار الصادر عن وزير الزراعة بتاريخ "20/2/2008" والمتضمن معلومات تفصيلية حول التعاون بين وزارتي السياحة والزراعة والإصلاح الزراعي كان يشوبه بعض الغموض في معظم قراراته، ورغم ذلك نعتبر أن ما تم تنفيذه هو خطوة أولية هامة رغم أنه قليل جداً ولا يرقى إلى الطموح الذي يتطلب بنية تحتية واعتمادات كبيرة وخبرة ووعي شعبي».