المرجع المنتظري رافضا العمليات الإنتحارية: الاسلام دين العقل ويعارض كل أنواع العنف والإرهاب

- ما يمارس بإسم الإسلام تحت عناوين الإغتيال والإرهاب والعمليات الإنتحارية- حرام ولا إرتباط له بالإسلام

- العملية الإنتحارية إضافة إلى كونها تؤدي لقتل الأبرياء، تعتبر نوعاً من تهلكة النفس، والتي نهى القرآن عنها بصراحة، والعقل أيضاً يدرك قبحها، والهدف من هذه الأعمال هو تشويه سمعة الإسلام في العالم..

شبكة النبأ: تعددت أوجه تفسير الجهاد في الاسلام، والحدود التي من الممكن ان يقف عندها او يكون مشروطا او غير جائز، الامر الذي جعل من هذا الباب محط اختلاف بين الطوائف الاسلامية، لكن من اخطر أوجه التفسير لباب الجهاد هو التفسير المتشدد المنطلق من الفكر التكفيري المتطرف وخاصة الفكر الوهابي، الذي يجيز تفجير المسلمين لأنفسهم وقتل العشرات من المدنيين الأبرياء، من المسلمين وغيرهم، من اجل تحصيل حقوق جزئية او عصيّة او غير قابلة للتنفيذ..

المذهب الجعفري كان من اكثر المذاهب الاسلامية حذرا بشأن حكم العمليات الانتحارية على خلفية تسببها بأذى النفس التي حرّم الله، وأذى الاخرين خصوصا الابرياء، وكذلك لتسببِها بنظرة تشاؤمية لدى الرأي العام العالمي تجاه الإسلام والشعوب المسلمة، حيث المنتفعون من ذلك هم أعداء الإسلام ليس إلا...

وبهذا الخصوص أجاب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى المنتظري على سؤال عدد من المسلمين في البلاد الإسلامية من العراق وباكستان وأفغانستان ولبنان، حول حكم العمليات الإنتحارية في الإسلام، وفيما يلي نص السؤال و الجواب:

سماحة آية الله العظمى المنتظري، السلام عليكم:

كما تعلمون، فإن دائرة الإستكبار العالمي - ومنها الصهاينة والأمريكان وإلى جانبهما الوهابية المتطرفة - تثير الفتن في أكثر البلاد الإسلامية، مثل العراق ولبنان وفلسطين وأفغانستان، وذلك بأشكال وصور مختلفة.

ومما يؤسف له أن هناك أطيافاً من المسلمين وبسبب عدم معرفتهم التامة بالإسلام، وعدم التحليل الصحيح للسياسة الحالية الحاكمة على المنطقة والبلاد الإسلامية، أصبحت منفذة لمشاريع تلك السياسة. ومن خلال عدم إطلاعها على السياسة الشيطانية للإستكبار والصهيونية العالمية تثير الخلافات الطائفية والقومية والفئوية، و تبرز آراءها المتطرّفة والباطلة على أنها حقيقة أمام الشعوب المسلمة ذات المعرفة الضئيلة.

ومن خلال الإغفال أو الإستئجار لأشخاص مبتلون بضحالة العقل وبإسم الدفاع عن الإسلام يمارسون العمليات الإنتحارية، وبذلك يعتدون على أرواح وأموال الشعوب المسلمة، ومصالح البلدان الإسلامية، ويهيئون أرضية وهن الإسلام، مما يؤدي إلى نظرة تشاؤمية لدى الرأي العام العالمي تجاه الإسلام العزيز والشعوب المسلمة، والمنتفعون من ذلك هم أعداء الإسلام.

نرجوا منكم أن تبينوا رأي الإسلام من خلال تجربتكم الطويلة في الجهاد، ومعرفتكم الدقيقة بالسياسات الإستكبارية والصهيونية، وذلك من أجل إرشاد وهداية وتوعية المسلمين، وإرشاد قادة المؤسسات الإسلامية، وإزاحة الفهم المنحرف عن الإسلام، مع تبيين الحكم الشرعي حول هذه الجريمة [العمليات الإنتحارية].

جواب المرجع المنتظري:

بسمه تعالى، بعد التحية والسلام

إن الدين الإسلامي المقدس هو دين العقل والمنطق، ويعارض كل أنواع العنف والإرهاب، لأن ذلك إضافة إلى كونه يعتبر إعتداءاً على حقوق الناس، يؤدي إلى الإخلال بالنظام، وسلب الأمن العام.

في حديث معتبر نُقل عن أبي الصباح الكناني أنه قال للإمام الصادق (عليه السلام): 'قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): إن لنا جاراً يجلس إلينا فنذكر علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) وفضله، فيقع فيه، أفتأذن لي فيه؟ فقال لي: يا أبا الصباح! أفكنت فاعلا؟ فقلت: إي والله، لئن أذنت لي فيه لأرصدنه، فإذا صار فيها اقتحمت عليه بسيفي فخبطته حتى أقتله، قال: فقال: يا أبا الصباح! هذا الفتك، وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم) عن الفتك، يا أبا الصباح! إن الإسلام قيّد الفتك' (الكافي، ج7، ص 375). مفردة 'الفتك' بمعنى الإغتيال.

و بعد أن هيّأ سيدنا مسلم بن عقيل - مبعوث الإمام الحسين (عليه السلام) - مدينة الكوفة لدخول الإمام الحسين (عليه السلام)، و جاء ابن زياد إلى الكوفة بأمر من يزيد، و من خلال البطش و الإرعاب و مقررات منع التجوال، إستطاع أن يسيطر على الكوفة، كان من المقرر أن يأتي يوماً إلى دار هاني لعيادة شريك بن الأعور أحد زعماء القبائل، و شريك الذي كان من الشيعة إتفق مع مسلم أن يختفي مسلم في مكان من بيت هاني، و حينما يطلب شريك الماء يخرج مسلم و يغتال ابن زياد، و بالطبع كان يؤدي ذلك إلى أن تعود الأوضاع في الكوفة إلى صالح مسلم؛ ولكن مسلم لم يفعل شيء، و بعد أن إعترض شريك – لاحقاً - نقل سيدنا مسلم عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قوله: 'إن الإيمان قيد الفتك، فلا يفتك مؤمن' (أعلام الورى، الفصل الرابع، ص 225)، و الجدير بالذكر أن هذه الرواية قد نقلت بنفس الألفاظ في كتب السنة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم). و منها في: مسند أحمد حنبل، ج1، ص 166، نشر دار الصادق، بيروت، وسنن أبي داوود، ج1، ص 631، نشر دار الفكر، بيروت، والمستدرك للحاكم النيسابوري، ج4، ص 352.

من هنا فإن ما يمارس بإسم الإسلام، وتحت عناوين الإغتيال والإرهاب والعمليات الإنتحارية مع مقدماته و بأشكاله المختلفة والذي يؤدي إلى قتل و جرح الأبرياء من أي فرقة من المسلمين - ومنهم الشخص الإنتحاري نفسه - حرام ولا إرتباط له بالإسلام. إن العملية الإنتحارية إضافة إلى كونها تؤدي إلى قتل الأبرياء، تعتبر نوعاً من تهلكة النفس، والتي نهى القرآن عنها بصراحة، والعقل أيضاً يدرك قبحها، والهدف الرئيسي من ممارسة هذه الأعمال هو تشويه سمعة الإسلام في العالم.

إنني ذكرت مراراً رأيي الصريح من خلال الرد على الكثير من الأسئلة التي طرحت حول العمليات الإنتحارية، وقد نشرت ذلك في موقعي [على الإنترنت].

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  29 أيار/2008 - 22/جماد الاول/1429